قانون الإيجار القديم في مصر: خلفية وأبعاد التغيير
شهدت مصر مؤخراً تطورات مهمة تتعلق بقانون الإيجار القديم، والذي يعود إلى عقود من الزمن ويحدد العلاقة بين المالك والمستأجر على نحو ثابت وأحياناً غير متوازن، حيث يُلزم المالك بإيجارات منخفضة لا تتماشى مع أسعار السوق الحالية. هذه التعديلات تأتي على خلفية حكم من المحكمة الدستورية العليا، وما تبعه من دعوات برلمانية لإصدار قانون جديد يعيد هيكلة العلاقة بين الطرفين بطريقة عادلة، مع مراعاة الظروف الاجتماعية والاقتصادية الحالية.
الحكم الدستوري لإلغاء قانون الإيجار القديم وتأثيره
أصدرت المحكمة الدستورية العليا في نوفمبر 2024 حكماً تاريخياً بعدم دستورية بعض بنود قانون الإيجار القديم، ما يبطل تثبيت الأجرة على نحو غير عادل. وقد اعتُبر هذا الحكم ملزماً لمؤسسات الدولة المختلفة، بما فيها البرلمان والحكومة، لتعديل القانون وتحديثه بما يتماشى مع واقع السوق. وجاء هذا الحكم بعد مطالبة الرئيس المصري والبرلمان بإعادة النظر في هذا القانون القديم، الذي وُصف بالمجحف بسبب التزام الملاك بأجور رمزية، بعضها لا يتجاوز بضعة جنيهات شهرياً.
الآثار الاقتصادية والاجتماعية لإلغاء قانون الإيجار القديم
تُقدر قيمة العقارات التي تخضع لقانون الإيجار القديم بحوالي 2 تريليون جنيه مصري، وهي موزعة بين المدن الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية. وبناءً على تقديرات تقريبية، هناك ما بين 2 إلى 3 مليون وحدة سكنية خاضعة لهذا القانون، مما يعني أن حوالي 10 ملايين مواطن قد يتأثرون بشكل مباشر أو غير مباشر بالتعديلات المرتقبة. يُعتقد أيضاً أن بعض هذه الوحدات السكنية مغلقة وغير مستغلة، مما يشكل فرصة لتحريك السوق العقاري وتخفيف أزمة الإسكان من خلال طرحها للتأجير وفق شروط عادلة.
النقاشات المجتمعية حول التعديل
تباينت آراء المواطنين حول هذه التعديلات، إذ يراها البعض خطوة نحو تحقيق العدالة الاقتصادية وتوزيع الثروة بشكل منصف، بعد عقود من تثبيت الإيجارات بأرقام زهيدة للغاية. وعلى الجانب الآخر، هناك مخاوف من تأثير هذه التعديلات على الأسر ذات الدخل المتوسط والمنخفض، حيث يُخشى أن يؤدي تحرير الإيجارات إلى زيادة العبء المالي على العديد من المستأجرين الحاليين.
عن القانون الإيجار القديم وأثره على الاستثمار
مقترحات البرلمان لمراعاة الفترة الانتقالية
أمام التحديات الناشئة، يُخطط البرلمان المصري لإصدار قانون موحد للإيجارات خلال الأشهر القادمة. ويقترح بعض البرلمانيين إقرار فترة انتقالية تصل إلى خمس سنوات، يتم خلالها زيادة الإيجارات تدريجياً بنسبة 15% سنوياً، مما يسمح بتعديل الأوضاع بشكل تدريجي ويخفف من تأثير التغيير على الأسر المستأجرة. وبعد الفترة الانتقالية، قد يصبح بإمكان الملاك تعديل الإيجارات بناءً على قوى السوق من حيث العرض والطلب، ما قد يساعد على توازن السوق العقاري بشكل أفضل.
تداعيات إلغاء الإيجار القديم على السوق العقاري
من المتوقع أن يؤثر التعديل الجديد على سوق العقارات بشكل كبير، حيث يُتوقع أن يرفع من قيمة الإيجارات وأسعار الشراء، نظراً لتحديث الإيجارات القديمة وزيادة فرص الملاك في تحقيق عوائد تتماشى مع الأسعار الحديثة. وفي ذات الوقت، قد تساهم هذه التعديلات في توفير عدد كبير من الوحدات السكنية، التي يمكن أن تُطرح للإيجار أو للبيع، مما قد يسهم في تخفيف الضغط على سوق الإيجار الجديد ويزيد من توفر الوحدات السكنية بأسعار عادلة.
تأثيرات واسعة وفترة انتقالية لتعديل أجرة الإيجار القديم
يشكل تعديل قانون الإيجار القديم نقطة تحول هامة في الاقتصاد المصري، لما له من تأثيرات واسعة على المستأجرين والملاك والسوق العقاري ككل. وبينما يظل الجدل قائماً حول التأثير الاجتماعي لهذه التعديلات، فإن القانون الجديد المرتقب قد يساهم في إحداث توازن أفضل بين حقوق الملاك والمستأجرين، بما يتماشى مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية في مصر.
Leave a Reply